عزيزي الرئيس كارتر: كنت في الفصل الدراسي الثاني من دراستي الجامعية عندما عدت إلى بلينز، بولاية جورجيا، في يناير 1981، كان رونالد ريجان قد تولى منصبه للتو، وعدت أنت إلى مسقط رأسك بعد هزيمة في الانتخابات.

استيقظت بعدها، كما كتبتَ لاحقاً، على «حياة جديدة تماماً، غير مرغوب فيها». في ذلك الوقت، كنت أبلغ الثامنة عشرة من عمري، وشعرت ببعض من نفس تلك المشاعر. لقد نشأت في أسرة محافظة، ولكن معتقداتي الدينية وقيمي السياسية أصبحت مختلفة تماماً عن تلك التي يتبناها والداي، وعن معتقدات جميع من حولي تقريباً. أن تصل إلى فهم مختلف جذرياً للعالم، بوجهات نظر متعارضة تماماً حول ما يجب أن تكون عليه هذه البلاد، والدور الذي يجب أن تلعبه الديانة والحكومة فيها، كان أمراً يزعجني بشدة. لم أغادر منزلي، ولكنني شعرت بأنني غريبة في أرض غريبة. لا أحد سوى مراهق في خضم تغيير جذري في رؤيته للعالم كان سيصفنا بأننا متشابهان يا سيد كارتر، ولكن بروح الشباب، شعرت أننا كذلك.

أنت في جورجيا وأنا في ألاباما - في المنزل ولكن لا ننتمي إلى أي مكان. أحياناً ما زلت أشعر بهذه الطريقة. ولكن عندما أفكر في طفولتك، التي وصفتها في مذكراتك «قبل الفجر بساعة»، أدرك أن هذا هو وطننا بقدر ما هو وطن أي شخص آخر. أعلم أنه من الممكن أن ترى عالمنا بوضوح وتحبه رغم ذلك. أنت طفل من الجنوب الأميركي تحت قوانين جيم كرو، نشأت في مزرعة بوقت كان فيه المزارعون السود بالكاد أكثر من عبيد.

ولكن حتى عندما نشأت في ذلك العالم، كنت تدرك الظلم الذي يحيط به. لقد قلت في حفل تنصيبك حاكماً للولاية في عام 1971: «لقد انتهى وقت التمييز العنصري». صاح جمهورك بصوت عالٍ، ولكن طوال بقية حياتك السياسية، عملت على تحقيق المساواة بين الأميركيين السود. وبصفتك رئيساً، رأيت كل الطرق التي يمكن للحكومة أن تحسن بها حياة الأميركيين. لقد قمت بتعيين عدد أكبر من النساء والمحامين الملونين في القضاء الفيدرالي أكثر من جميع الرؤساء السابقين مجتمعين. كما عفوت عن المتهربين من التجنيد في حرب فيتنام. ووسط التوترات، نجحت في التوصل إلى اتفاق سلام غير متوقع في الشرق الأوسط.

وعندما حان وقت مغادرة واشنطن، عدت إلى مسقط رأسك بلينز. أتمنى أن تدرك ما يعنيه ذلك بالنسبة لنا نحن، في ذلك الوقت وحتى الآن، في وقت كان فيه من النادر العثور على نماذج يحتذى بها من البيض الجنوبيين. أو ما يعنيه لنا نحن المسيحيين البيض، في ذلك الوقت وحتى الآن، أن نرى مثالك في العيش وفقاً لتعاليم الإنجيل.

خلال رئاستك تعرضت لضغوط بسبب الحروب والاضطرابات في الشرق الأوسط، والتي أدت إلى نقص النفط والغاز هنا، وإلى أزمة رهائن في إيران كسرت قلبك وقلوبنا. لكنك أدركت التهديد المتزايد لتغير المناخ حتى في ذلك الوقت، وفهمت أن الاعتماد على النفط الأجنبي لم يكن الخطر الحقيقي الذي نواجهه.

لا أستطيع إلا أن أتساءل: أين سيكون العالم الآن لو أن الأميركيين تبنوا السياسات البيئية التي بدأتها قبل ما يقرب من 50 عاماً؟ كان الكثير مما عملت على تحقيقه من أجل البيئة خلال رئاستك يحمل رؤية مستقبلية.

فباستخدام السلطات التنفيذية، قمت بحماية مساحة شاسعة من الحياة البرية في ألاسكا، مما أدى إلى مضاعفة حجم مساحة المتنزهات الوطنية. كما وجهت الأموال الفيدرالية نحو تطوير الطاقة المتجددة وقمت بتركيب الألواح الشمسية على البيت الأبيض، وبدأت جهوداً فيدرالية هائلة لجعل البلاد تعتمد على الطاقة المحلية، وحاولت قيادتنا من خلال استدعاء أفضل ما فينا لمواجهة الأزمة.

«إنني أطلب منكم، من أجل مصلحتكم ومن أجل أمن أمتكم، ألا تقوموا برحلات غير ضرورية، وأن تستخدموا السيارات المشتركة أو وسائل النقل العام كلما أمكنكم، وأن تتركوا سياراتكم متوقفة ليوم إضافي في الأسبوع، وأن تلتزموا بالحد الأقصى للسرعة وتضبطوا منظمات الحرارة لتوفير الوقود»، هذا ما قلته. «كل فعل من أفعال الحفاظ على الطاقة كهذا لا يقتصر على المنطق السليم. بل أقول لكم إنه عمل وطني».

لقد اتضح أننا لم نكن المواطنين المخلصين لبلادهم الذين كنتَ تؤمنُ بهم في ذلك الوقت، وأصبحنا أقل وطنيةً في العقود التي تلت. لكن النموذج الذي قدمته يبقى نصباً تذكارياً ساطعاً لما يعنيه أن تكون أميركياً صالحاً ومواطناً صالحاً بالنسبة لكوكب الأرض. من خلال مركز كارتر ومنظمة «هابيتات من أجل الإنسانية»، كان لديك أطول فترة ما بعد الرئاسة وأكثرها تأثيراً في تاريخ أميركا. ولأكثر من 50 عاماً، كنت مشغولاً بجهود تعزيز السلام، والقضاء على المعاناة، ومعالجة أسوأ آثار الفقر.

في عام 2019، بينما كنت لا تزال تتلقى علاجاً للسرطان المنتشر، جئت إلى ناشفيل وألقيت خطاباً أمام منظمة «هابيتات»، وكنت في الخامسة والتسعين عندما أمسكت بالمطرقة لمساعدتنا في بناء المنازل. عيد ميلاد سعيد، سيدي الرئيس. لقد استفدت إلى أقصى حد من حياتك الطويلة، حيث قدمت نموذجاً في الجدية الأخلاقية وخدمة الآخرين بطرق لا حصر لها - ليس فقط لتلك الطالبة التي كانت رؤيتها للعالم تتغير بشكل جذري في عام 1981، بل لنا جميعاً. في وقت أصبح من المستحيل تقريباً تخيل مسؤولينا المنتخبين كخدام حقيقيين للشعب أو مهتمين بأي وجه من الوجوه بأسئلة العدالة الحقيقية أو الأخلاق الحقيقية، ستظل حياتك دائماً منارة للأمل.

مارجريت رينكل*

كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»